"ترى
الكفيف يشق الدرب منطلقا لم يثنه ما يلاقيه من التهمِ" ، وجود علة في
الإنسان لا يعني أن يتوقف ويبقى بين أربعة جدران بل العكس ان يتقدم ويتعلم
ويكون مؤثرأ في المجتمع وقدوة يحتذى بها وهذا ما يقوم به العازف الكفيف
أحمد حسين مصطفى (41 عاماً) .
يعمل أحمد مصطفى في وزارة الثقافة ويدرس الموسيقى
في نادي معلمين مدينة المفرق و عضواً في نقابة الفنانين الأردنيين شعبة
العزف والغناء ، وإلى جانب وظيفته فهو يعزف في حفلات الأعراس وغيرها من
المناسبات الشعبية .
يقول أحمد : "
ولدت طفلأ مبصر ، في الثانية من عمري أصبت بمرض "الحصبة الألمانية " وبعدها
بدأت حاسة البصر تضعف تدريجياً وخلال عامين قد فقدتها . كانت صدمة كبيرة
للوالدين آنذاك بالرغم من ذلك واصلت دراستي المدرسية من النوع السمعي في
معهد النور في الكويت حيث كنا مقيمين . بصدق ، لم أكن متفوقاً في المواد
العلمية كالرياضيات والعلوم وكانت الموسيقى تجذبني واتذكر المفاتيح بسر
عة ، تقبل والداي الموضوع وربما لعدم علمهم بما تعنيه الموسيقى لأنهم كانوا أُميين وبسطاء ."
يتابع :" أول
آلة موسيقية اقتنيتها كانت الأكورديون في السادسة من عمري ومن ثم الأورك
وكان من الحجم الصغير و من الصعب الحصول عليه ، بالإضافة الى كتب الموسيقى
وكيفية العزف ومقطوعات مشهورة وكان أخي يقرأها لي وكان يمد يد العون دائما
ثم أقوم بالتطبيق مباشرة ، وكنت أنخرط في اجواء الحفلات كثيراً و بذلك
نميت موهبتي بنفسي بالاجتهاد والممارسة . الموسيقى
علم قبل ان تكون فنأ وتحتاج لحسٍ وموهبة ولا يتقصر امتلاكها على الإنسان
غير المعلول فقط كما ليس كل صاحب ذوي احتياجات خاصة ذو موهبة " .
وعلى النقيض من اغلب ذوي
الاحتياجات الخاصة أحمد يتقبل المساعدة ، ويكمل:" حتى سن الخامسة لم أكن
اتعرض لاي مشاكل مع اقراني ولم أدرك المجتمع إلا على كبر وعندما رجعنا الى
الأردن حيث اكملت دراستي الثانوية في مدرسة فوزي بن ملقي أصبحت اتعرض الى
مضايقات وبعض مصطلحات تدعو الى الشقفة مثل "يا حرام" وهذا يؤثر على الناحية
العاطفية والنفسية ، وخاصة في مجتمعاتنا الشرقية ذو الاحتياجات الخاصة لا
يعتبر انسانا وتتم معاملته بطريقة غير سليمة ولا يحق له العمل ،وما
ألاحظه ان الجيل قبل 15 عاما أفضل مما هو حاليا يفكر الاغلبية بطريقة غير
واعية وبشكل سطحي ومادي والسخرية من الأخرين واناعلى قناعة بان المجتمع
البسيط المثقف يكون في بعض الحالات افضل من المتعلم ".
أقدم أحمد عام
2006 خطوة في أخرى في حياته وهي إرادته في الانضمام الى النقابة لكنه لم
يجتاز الامتحان أول مرة ،فيقول أحمد:" بسبب الصورة النمطية لم يتم قبولي
في المرة الأولى لأنه كفيف ، لكنني لم أصاب باليأس بل حاولت مرة التقدم مرة
أخرى ووقف الى جانبي اخي كالمعتاد واقنعهم بأن يحكموا علي من بعد أن
يقدروا قدراتي وموهبتي وبالفعل نجحت وانضممت لشعبة العزف والغناء عام 2007
".
وما يؤكد على أن
أحمد صاحب ذوق رفيع وموهبة متميزة هو مصادر إلهامه مثل : الموسيقي المصري
عمار الشريعي ، موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب الذي اثر فيه كثيرا
وكذلك سعيد ملكاوي صاحب اغنية "الأرض بتتكلم عربي".
أما عن حياته
اليومية ، يذكر:" أعيش وحيدا في منزل والدي المرحوم القريب من منزل أخي
وعائلته ، أقوم بالاعمال المنزلية والشخصية بنفسي ما عدا تجهيز الطعام
فيحضره لي أخي او ابنائه ، والعامل الضروري لمساعدة الكفيف على التنقل
والحركة هو وجود مسافات واسعة .الأمر الآخر هو انني لست متزوج وهذا ليس
بسبب العلة انما بصدق الحالة المادية المتدنية ".
إلى جانب ذلك
فهو يتابع التطورات الحديثة في مجال الآلآت الموسيقية فقد تعلم استخدام
الأورك الالكتروني ذو التقنية العالية ، ولم يتوقف أخوه عن مد اليوم لأحمد
فقد أستطاع مساعدته في التعلم على الالكتروني من خلال ما يستطيع التوصل
اليه من ادوات والاستغناء عن شاشة اللمس .
يبين أحمد أنه تأثر كالبقية نتيجة دخول اللأجئين :" الموسيقى
مثل باقي القطاعات تأثرت بقدوم اللاجئين و عمل بعضهم بدل المواطنين كونهم
ايدي عاملة غير مكلفة باختصار عزف الحفلات كالأعراس أصبح لعبتهم ".
وأخيرا يذكر أهمية احترام اصحاب
ذوي الاحتياجات الخاصة وعدم النظر اليهم بإزدراء وسلبية والحكم من دون سابق
معرفة بهم وقدراتهم وتوفير حقوقهم كالعمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق